ماذا تركت؟
تمعن قول الله عز وجل في محكم آياته:"إنَّا نَحْنُ نُحْيِ اِلمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَ آثَارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْءٍ اَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِينٍ"(يسن11) فماذا يقصد الله سبحانه و تعالى من كلمة"آثَارَهُمْ"؟ الآثار هي ما سُنّ من سُنة حسنة أو سيئة و بقيت في عالم الناس لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّة حَسَنَة فَلَهُ أّجْرُهَا وَ أجْرُ مَن عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ ينْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْء وَ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّة سَيِّئَة فَلَهُ وِزْرُهَا وَ وِزْرُ مَن عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ ينْقُصَ مِنْ أُوْزَارِهِمْ شَيْء" رواه مسلم وأحمد و الترميذي تمرّ الأيام و تتسابق فيما بينها كسباق العاديات... ياإلهي ماهذا؟ دائما ما يطرحن لغزا حول الشيئ الذي يزيد و ينقص في نفس الوقت وجوابه هو العمر ألا ترى أنَّ كل يوم يمضى من حياتك تقترب فيه أكثر فأكثر من قبرك؟..الموت سُنة، فهو نعمة ورفعة للمؤمن ونقمة وخزي للكافر. هل تستطيع أن تعيش للأبد وأنت تناضل و تتعب بدون راحة، أضف إليها المشاكل و الأمراض وتغير الأجيال و لكل جيل نمط مختلف عن الجيل الذي بعده، فإذا استطعت أن تواكب الجيل الذي بعدك هل بإمكانك مواكبة البقية؟ و قس على ذلك أمورا أخرى.. إذن من هذه الناحية فهو نعمة. و هل الموت نعمة أم نقمة بالنسبة إليك وللإجابة على هذا إطرح التساؤلات الآتية: ماذا تركت؟ هل صليت النوافل؟هل قمت الليل تضرعا لخالقك؟هل تصدقت؟ هل صِلت رحمك؟ هل حافظت على قلبك نقيا ولم تلطخه بالغيبة والحسد..؟هل تركت شيئا جميلا تفتخر به بعد موتك وأنت تشاهد مسلسل حياتك كنت فيه أنت البطل؟ تخيل معي فقط موضوع الدعاء إذا دعوت لنفسك فلك أجر دعوتك فقط ولكن إذا دعوت لنفسك وللمسلمين أجمعين الأحياء منهم و الأموات فلك أجرهم جميعا و الله يضاعف لمن يشاء، و الآن لنقلب المسألة وتخيل أنك نشرت معلومة غير لائقة أو كلام بديء فيراه أولادك أو طلابك كيف سيكون حال صحيفتك؟ سأترك الجواب لهذه الآية الكريمة بعد قوله تعالى:"لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ"(النحل25) فالتضف إلى قائمة أهدافك اليومية هدفا قبل نومك هو أن تستغفر لربك وتصلي على نبيه ثم تحدث مع خالقك واتخذه خليلك و صارحه بأبسط الأشياء واشكي له ثم ادعي بما شئت وفي تلك اللحظات ستشعر بأن الله معك و مع مرور الأيام ستصبح خلوتك مع رب العباد بلا موعد ولا تصريح وسيحلو اللقاء وستستحي أن تعصيه لأن أعينه لا تنام عنك أبدا..يقزل الحسن البصري:"علمت أن الله مطلع علي فاستحيت أن يراني عاصيا" إبدأ اليوم ولا تنتظر، أَدخل في حياتك محطة جديدة ولاحظ التغيير وحدد مصيرك وكن ممن يتنعمون بالجنان وإياك أن تكون ممن يتمنون الجنة دون سعي فتحرقه النيران، لذلك إبدأ ولا تستصغر أي عمل فقط أخلص النية وتوكّل على الله. بقلم الأستاذتين: -زيطاني أسماء بنت مصطفى -زيطاني بية شهناز بنت مصطفى
المزيد