صرخة أستاذة
-- لا تعرف التعب أو الملل -- أنا معلمة ومربية.. ترسلون أبناءكم كل يوم.. و تحاسبونني و تطلبون مني ألا أضرب .. ألا أصرخ .. ألا أخرج تلميذا من القسم.. أنا حريصة على أن يكتبوا.. أن يفهموا.. أن يناقشوا.. ان يحللوا.. أن يحضّروا الدروس في بيوتهم.. أنا حريصة على أن أرى كل واحد منهم أستاذا.. طبيبا .. مهندسا .. مديرا .. سفيرا .. وحين أشرح الدرس أشرحه وكأنني أرى داخل قسمي أربعين أو خمسين أستاذا.. لا أربعين أو خمسين طالبا! حريصة على أن أراقب كراريسهم.. محافظهم.. أفض الخلافات.. أنهي النزاع بين المتخاصمين! يقع على عاتقي نصرة المظلوم الضعيف على الظالم القوي .. على عاتقي إرجاع الاشياء المسلوبة إلى أهلها! على عاتقي إنهاء الشغب لأنهاء الدرس! على عاتقي فرض النظام والهدوء... على عاتقي العدل في الجلوس الأول فالأول.. وضعيف البصر على الصحيح.. وهزيل الجسم على البدين.. على عاتقي ترتيب جلوس البنات.. ترتيب جلوس البنين.. على عاتقي الملاحظة حول الهندام والحلاقة وطول الأظفار.. وربط الأحذية.. أصنف في دفتري الأولاد.. أعرف اليتيم .. أعرف الكريم.. أعرف السقيم.. أعرف العامل .. أعرف الخامل.. أعرف الهامل .. أعرف المجد .. أعرف الكسول.. وليسوا سواء .. أعطي كل ذي حق حقه! على عاتقي تهوية القسم.. الحفاظ على نظافته.. الحفاظ على جماله... أنا أستاذة.. هؤلاء تلاميذي الثلاثون.. من ثلاثين عائلة قدموا... وهناك قسم ثان.. وثالث ، ورابع .. هناك مزيج من حالات الناس.. يأتون إلي من كل مكان.. وأنا غاية في ضبط النفس تحضيرا وحرصا واهتماما عسى أن أعطي كل طالب مسألته.. أنا الممرض أسعف.. أبلل المنديل، لتخفيف حمى طالب.. و رعاف آخر .. أو زكام تلك.. وأنا في ذات الوقت أتناول قرص صداع للرأس .. كي أستطيع إكمال الحصص التالية! ألجأ إلى البحث عن حبة حلوى.. أرفع بها نسبة هبوط السكر! أشم رائحة كبدي تحترق حين أوزع النقاط فأنهزم أمام ذوي العلامات الضعيفة .. أجعل نفسي محل اتهام.. فلعلي السبب ! فارفعوا القبعة للأستاذ.. بادلوه التحية.. اعترفوا له بالفضل.. وأنّ له عليكم حقا .. فالمعلم هو الشخص الوحيد الذي يقاسمك تربية أبنائك.. فلا ترض له الإساءة.. المعلم هو الموظف الوحيد الذى يقدم الخدمة و هو واقف و المتعلم جالس . منقول-بتصرف-
المزيد