علمتني الثانوية
الثانوية...كلمة قد تبدو للبعض مجرد تسمية عابرة لمرحلة من المراحل الدّراسية... أو أنّها مجرّد فترة مراهقة تطرأ فيها مجموعة من التّغيرات الفيزيولوجية... يتغنّى بها الشّباب المراهقون باسم الحرية... غير أنّ معناها أعمق من "كلمة"... لا ندخل إليها إلّا و قد خرجنا بثُلّة من الدّروس الحياتية... والّتي من شأنها أن تبني بناءً متين القيم، راسخ الأفكار؛ أو هشّا يجرفه كلّ تيار... دروس تعلّمك، فتألمك، فتغيّرك... تعلّمك أن ترى الحياة بمنظار الحقيقة... وتعلّمك أنّ القانون فوق الجميع مهما علا مقامك... و أن حليّ الطّالبة ليس خاتمًا و سوارًا، و إنّما خلقًا و حياءً... و أنّ العطلة مجرّد استراحة محارب... فتعلّمك الرّياضيات أن لا تكون محدود الفكر والطّموح فهناك ما يسمّى بالمالانهاية... و تعلّمك الفيزياء أنّ الأحلام تبقى ساكنة مالم توجد قوّة تؤثّر عليها... و تعلّمك العلوم الطّبيعية أنّ النّسغ النّاقص يصبح نسغًا كاملًا بنور الشّمس؛ كذلك الفكر النّاقص يصبح كاملًا بنور العلم... و يعلّمك التّاريخ أنّ البشر يزول و يبقى الأثر، فاجعل لنفسك أثرًا حيث لا يُنسى أنّك مررت يومًا... و تعلّمك الجغرافيا أنّه مهما طال الليل سيطلع النّهار، فبعد الشّدة سيأتي الفرج، وما تعسّرتْ إلّا تيسّرتْ... نعم، إنّها الثّانوية ياسادة... فيها ترسم أول خطواتك نحو مستقبلك... و تتحمّل مسؤولية اتّخاذ قرارك... الثّانوية، كلّ خطوة تخطوها فيها نعمة من الله عليك قد جهلها الكثيرون... فيها علّمتني الطّالبات أنّ الصّداقة الحقيقية أخوّة، وأنّ العمل الجماعي قوّة... علّمني الأستاذ أنّ الجزاء من جنس العمل... الثّانوية، إدارتها هي القلب النّابض لها... فيها علّمني المدير الصّرامة و الحزم... علّمني مسؤول المالية أنّه ما من شيء دون مقابل... علّمني مدير الدّراسات أنّ وقت طالب العلم أثمن من أن يُضاع في التّفاهات... علّمني مسؤول النّشاطات تحمّل المسؤولية و الانضباط... الثّانوية، فيها ينابيع من العلم تسقي كلٌّ لِما تعطّش له، فغير أنّ السّبُل مختلفة إلّا أنّ الهدف واحد و هو الفلاح دنيًا و أخرًى... فيها تمرّ بنا لحظات سعيدة تترك فينا ذكرى جميلةً... تُذكر فتُشكر... و قد تمرّ بنا لحظات صعبة فنجد فيها السّند الّذي يواسينا... فسلامًا على من مرّ بمُرّنا فحلّاه... أخيرًا... ما رسالتي هذه إلّا عُصارة فكرٍ وتجربة حياةٍ... كتبتها بكلمات من القلب لتلامس القلب... فلا أنسبُ الفضلَ إلّا لأهله... إلى من بنى هذا الصّرح المشيد... بقيمٍ و فضائل راسخةٍ... ومن لازال عليه محافظًا... وليَّ الشّرف و كلّ الفخر لاِنتمائي لثانوية المنار... منارةٌ للعلم و الأخلاق... تحترق ولا تنطفئ... لتضيء للأجيال دروبهم... فوراء كلّ جيلٍ عظيمٍ، مدرسة عظيمة.
بقلم الطالبة: بوحديبة. إ
السنة الأولى جذع مشترك علوم وتكنولوجيا.
لا يوجد تعليقات