"وما هي إلّا ذكرى للبشر"
"وما هي إلّا ذكرى للبشر"
أعوذ بالله من الشّيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، سيّدنا وقدوتنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.
خلقنا الله تعالى في هذه الحياة الفانية لنعبده حق العبادة، ونشكره على نعمه العظيمة لقوله تعالى:" وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالاِنْسَ إِلّاَ لِيَعْبُدُونِ" سورة الذاريات، "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ..."سورة إبراهيم.
لعلّ السّرّ في عبادة الله تعالى: التقوى، بها يكرم المؤمن بين مجتمعه، يقول تعالى:" إِنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " سورة الحجرات، وعند استيعاب مضمون التقوى وتطبيق ذلك بحذافيره ينتج عنه تيسير ومغفرة ونجاة من قبل الله تعالى، قال عزّ وجلّ: "وَمنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أجًرًا" سورة الطلاق، " وَيُنَجِّي اللَّهُ الذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهمْ" سورة الزمر.
صدق الله تعالى حين قال: "إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ والَارْضَ أَنْ تَزُولَا " سورة فاطر، فواقع الهزات الأرضية التي نعيشها على فجأة من أمرنا ما هو إلا توضيح وتبيان لهذه الآيات، وهي تنبيه منه عزّ وجلّ لنتوب إليه ونرجع له، وفيه تذكير باليوم الآخر، فطوبى لمن تفطّن وأصلح نفسه، والخزي لمن لم يعتبر واستمرّ على كبريائه. قال تعالى: " أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً اَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبوُنَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ " سورة التوبة.
ليست الهزات الأرضية فقط نراها بأعيننا، فنجد مثلا: فتنا وحروبا مدمّرة ومستمرّة، وأعاصير وفيضانات وأوبئة فتاكة، هي بمثابة جنود من عند الله عزّ وجلّ وتذكير للقلوب الغافلة يقول تعالى: " وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ" سورة المدثّر.
إنّ خير ما أختم به كلمتي: نصيحة وقول حسن أثلج به عقول الباحثين عن الحقيقة وتصحيح أخطائهم وتصويب سلوكهم، أنّ التوبة بابها مفتوح ما دمت على قيد الحياة، فما عليك إلاّ الإسراع لها مهما عظمت وكثرت ذنوبك فإنّ الله غفور رحيم وهو توّاب حكيم.
يقول تعالى: " وَلَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا " سورة الزمر.
لا يوجد تعليقات