صعوبات التعلم
أستاذة اللغة :حسن خطك ،لا تنزل من السطر،ما هذه الأخطاء ،أتعكس الحروف ،لم تسلم مادة الرياضيات:لا تقلب الأرقام ،ألا تفرق بين رقم 6 و9 ،ما بك تكتب غير ما تسمع ،لماذا تبدأ كتابة الكلمة من نهايتها ألم تستسغ الحرف الأول...،لماذا أنا مختلف ؟لماذا لا أفهم بنفس السرعة ؟لماذا تتراقص الحروف ولا تستقر ،بأية وسيلة يثبتها الآخرون ...
هذا بعض ما يدور في خلد طفل منذ نعومة أظفاره ،تصرفاته ،تفاعل الآخرين معها ،علاقته بهم وبنفسه ...فهو في دوامة مالم ينتشله الوعي لحالته منها،فما بال هذا الطفل ولماذا هو متميز عن أقرانه و ما هذه الصعوبات التي تعرقل تعلمه وتقض مضجعه.
أثبتت الدراسات سنة 2021 أن حوالي 15% من التلاميذ في الوطن العربي يعانون من صعوبات في التعلم ،وقد تباينت التعاريف لصعوبات التعلم نتيجة وجهات النظر المختلفة في تحديد مفهومها وتفسيره ،و منها : النظرية الطبية التي ترى أن أساس صعوبات التعلم عصبي، ومنها تربوي تؤمن بتعديل السلوك و منها لغوي أساسها خلل في العمليات اللغوية الأساسية في اكتساب نظام القراءة,لكنها تتفق على أن صعوبة التعلم هي: اضطراب يؤثر في قدرة الشخص على تفسير ما يراه و يسمعه أو في ربط المعلومات القادمة من أجزاء مختلفة من المخ ،وقد تظهر هذه الصعوبات في الصور الآتية:
صعوبات معينة مع اللغة المكتوبة والمسموعة.
صعوبات في التنسيق.
التحكم الذاتي أو الانتباه.
وتمتد هذه الصعوبات إلى الحياة المدرسية ويمكن أن تعيق تعلم القراءة والكتابة أو الحساب، فالطفل الذي يعاني صعوبات التعلم هو طفل لا يعاني إعاقة حسية أو سمعية أو بصرية أو حرمانا ثقافيا أو بيئيا أو اضطرابا انفعاليا ، بل هو طفل يعاني اضطرابا في أساس العمليات العقلية أو النفسية التي تشمل الانتباه والإدراك وتكوين مفهوم
و التذكر وحل مشكلة... ، ويتجلى ذلك في عدم القدرة على تعلم القراءة والكتابة والحساب
وصعوبات التعلم أنواع عدة أهمها:
1. صعوبة عسر الحساب:dyscalculia
هي صعوبة تؤثر على قدرة الشخص في فهم الأرقام واستيعاب الحقائق الرياضية.
2. صعوبة عسر الكتابة:dysgraphia
هي صعوبة تؤثر على قدرة الشخص على الكتابة اليدوية والمهارات الحركية الدقيقة.
3. صعوبة عسر القراءة:dyslexia
هي صعوبة تؤثر على القراءة ومهارات المعالجة اللغوية ذات الصلة.
4. صعوبات التعلم غير اللفظية:Non- Verbal learning Disability
هي صعوبة يعاني صاحبها من مشكلة تفسير الإشارات غير اللفظية مثل تعابير الوجه أو لغة الجسد وقد يكون لدى صاحبها تنسيق ضعيف في ذلك.
5. إضطراب اللغة الشفوية والمكتوبة ونقص الفهم القرائي المحدد:Oral/Written Language Disorder and specific reading comprehension deficit. و تؤثر هذه الصعوبة في فهم الفرد للغة المكتوبة والمقروءة وقد تتأثر قدرة الشخص على التعبير عن الذات بلغة شفهية.
و أشارت الدراسات والأبحاث إلى مجموعة من الأسباب والعوامل المؤدية لحدوث صعوبات التعلم منها:
عوامل وراثية: فإذا عانى أحد الوالدين من صعوبات في التعلم يزيد من احتمالية وجود هذه الصعوبة لدى ابنه.
عوامل تؤثر على نمو الجنين في الرحم مثل تعاطي الكحول أو المخدرات تزيد من احتمالية صعوبة التعلم لدى الطفل.
إستهلاك الماء واستنشاق الهواء المحتوي على مادة الرصاص.
في حالة إصابة الشخص بصعوبة في التعلم في وقت لاحق من حياته بسبب الإصابة بالخرف أو إصابة الدماغ قبل الولادة أو بعدها أو أثناءها فينتج عنه اضطرابات بسيطة في المخ ويبدو أثرها في السلوك ، وفي العمليات العقلية المستخدمة في التعلم.
عوامل كيميائية مثل الأدوية والعقاقير والتعرض للإشعاعات.
سوء التغذية والذي يؤدي إلى قصور بنائي في القشرة المخية ونمو الخلايا العصبية مما ينتج عنه قصور في الوظائف العقلية.
ويتوقع من الطفل - في تطوره الفيزيولوجي والسلوكي الطبيعي - اكتساب مجموعة معينة من المهارات الإدراكية والحركية الأساسية في كل مرحلة عمرية فإذا لوحظ عليه أي تأخير في هذا التطور أو تكرار أحد هذه العلامات أو أكثر لمدة طويلة فهذا علامة على وجود صعوبة تعلم ،ومن أبرز مظاهر صعوبات التعلم :
1) مظاهر صعوبات التعلم لدى طلاب الابتدائية:
ضعف في طلاقة القراءة الشفهية.
قصور فهم ما يقرأ واستيعابه.
الضعف في القدرة على تحليل الكلمات.
عكس الحروف والكلمات والمقاطع عند القراءة.
صعوبة في نطق الأحرف والكلمات المتشابهة.
صعوبة في التهجئة.
ضعف في معدل سرعة القراءة الصامتة (التصفح ،التنظيم ، وتحديد موقع الكلمة)
عدم القدرة على التعامل مع الرموز.
عدم القدرة على تركيب الحروف لتكوين الكلمات.
عدم القدرة على تكوين جملة ذات معنى من مجموعة كلمات.
2) مظاهر الصعوبات الخاصة بالكتابة:
عكس الحروف والأعداد بحيث تكون كما تبدو له في المرآة مقلوبة ، وفي بعض الأحيان قد يكتب المقاطع والكلمات والجمل بأكملها بصورة مقلوبة من اليسار إلى اليمين فتكون كما تبدو عليه في المرآة.
الخلط في الاتجاهات حيث يبدأ بكتابة الكلمات والمقاطع من اليسار بدلا من كتابتها من اليمين ،وهنا تبدو الكلمات صحيحة بعد كتابتها ولا تكون معكوسة.
ترتيب الأحرف والكلمات والمقاطع بصورة غير صحيحة عند الكتابة، فقد يكتب كلمة (سمر بدلا من رسم ) وكلمة ( بطل بدلا من طلب) ،و في أحيان أخرى قد يعكس ترتيب الأحرف فكلمة (سور قد يكتبها روس) وكلمة (عيب قد يكتبها بيع)
الخلط في الكتابة بين الأحرف المتشابهة ،فقد يرى كلمة ( نعل ولكنه يكتبها بعل)
يجد الطالب صعوبة في الالتزام بالكتابة على نفس الخط من الصفحة.
غالبا ما يكون خط الطالب ذي صعوبات التعلم رديئا و تصعب قراءته.
3) مظاهر الصعوبات الخاصة بالرياضيات:
صعوبة تعلم الرياضيات قد تصاحب صعوبات الكتابة والقراءة وقد تستقل عنهما، وتشير الدراسات إلى أن معظم الحالات التي تعاني من قصور في المهارات القرائية تعاني أيضا من صعوبات في المهارات الحسابية ، وتتجلى مظاهر صعوبات التعلم في الرياضيات فيما يأتي:
صعوبة قراءة الأرقام لأكثر من منزلة.
صعوبة في تمييز الأرقام ذات الاتجاهات المتعاكسة مثل ( 6-9).
الخلط في القيمة المنزلية لعدد مثل (35-53).
صعوبة في نسخ الأرقام أو المسائل.
صعوبة في التمييز بين العمليات الحسابية وإشاراتها.
صعوبة التمييز بين العلامات الأساسية (+،-،×،=).
صعوبة الربط بين الرقم ورمزه ،فقد يطلب منه أن يكتب الرقم "سبعة" فيكتب"6".
صعوبة في أداء عمليات الجمع والطرح و القسمة.
فهم مدلول الأعداد ونطقها وكتابتها.
التمييز بين الأعداد المتشابهة والتفرقة بين الأشكال الهندسية.
إدراك العلاقات الأساسية لبعض المفاهيم في الطول والكتلة والزمن والعملة.
حل المسائل اللفظية في الحساب والتي تتناسب ومستواهم.
الإخفاق في فهم المسائل الرياضية شفويا.
الصعوبة في إنتاج الأشكال الهندسية.
يعاني الأطفال الراشدين ذوي صعوبات التعلم من إيجاد استراتيجيات التعلم المناسب لحل المسائل الحسابية ( ماذا يجب عليه أن يسأل؟ وكيف يقرر العملية المناسبة؟ للحل وكيف يختبر صحة الجواب؟)
ومن خلال أهم الخصائص العامة لصعوبات التعلم يمكننا أن نميز التلميذ أو الطالب الذي يعاني من صعوبة من صعوبات التعلم عن غيره ،ومن هذه الخصائص ما يأتي:
يبدو الطالب غير متحفز.
معالجة المعلومات بمعدل أبطأ ( سمعي، بصري).
إيجاد صعوبات في المفاهيم والعلاقات المكانية.
الاندفاع في التعبير عن أفكارهم و مشاعرهم بالقول و التصرف ( وقد يبدو ذلك وقحا في بعض الأحيان).
غير منظم فيما يتعلق بالجانب الفكري.
إيجاد صعوبة في القراءة والفهم ( البعض أفضل في الفهم لاستنتاجي مقارنة بالفهم الحرفي)
قد يفهم التفاصيل لكن غير قادر على ربطها بالصورة العامة أو الكلية.
إيجاد صعوبة في مفاهيم الرياضيات و مصطلحات الرياضيات.
إيجاد صعوبة في تسلسل خطوات مهمة ما في الرياضيات والتجارب في العلوم وإنشاء تركيبة مكتوبة.
بحاجة إلى قراءة الاختبارات لهم ،كما يحتاجون إلى إعطاء إجابات شفهية لا مكتوبة.
يتمتعون بفهم ممتاز عن طريق السماع لكن الفهم القرائي سيئ.
لديهم مهارات استماع كبيرة .
غير قادر على تدوين ملاحظات مفيدة.
و لابد من تشخيص الطفل الذي يعاني من صعوبات التعلم في سن مبكرة ، إذ يعتبر الكشف المبكر للمشكلات النمائية عند الأطفال في سن ما قبل المدرسة هاما وأساسيا فيما يتعلق بنموهم وتطورهم، فالكشف المبكر يساعد على تقديم المساعدة لهذه الفئة من الأطفال وكذلك في اتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع تفاقم تلك المشكلات مستقبلا.
و لابد أن يخضع الطفل لفحص طبي لاستبعاد مشاكل الرؤية أو السمع أو الحالات الطبية الأخرى، بعدها يخضع الطفل لسلسلة من الاختبارات التي يجريها فريق من المهنيين بما في ذلك أخصائي علم النفس و مدرس التربية الخاصة ، المعالج المتخصص في مثل هذه الحالة و الأخصائي الاجتماعي.
فكثيرا ما يعتقد أن مشكل الأطفال أو الأشخاص الذين يعانون من صعوبات للتعلم (صعوبة القراءة أو الكتابة ...) يكمن في قلة التدريب ، أو انخفاضا في مستوى الذكاء... لكن الأمر مخالف تماما، لأنها تُعتبر حالة كباقي الحالات الأخرى يُمكن معالجتها بسهولة عن طريق متابعة شخص مختص، أو معلم متمكن متمرس بهذه الحالة، بحيث يمكن للطفل من متابعة أقرانه دون التأخر عنهم دراسيا ، وأهم الأطراف المشاركة في علاج صعوبات التعلم ،المختص والوالدين والأستاذ .
والعلاج ( النفسي ،العيادي،التعلمي،الاجتماعي...) هو المرحلة الأخيرة والتي لا تقل أهمية عن سابقاتها من الخطوات، فالطفل أو الطالب الذي يعاني من صعوبات في التعلم بحاجة إلى علاج بعد تشخيص الصعوبة،كما هو بحاجة أمس إلى المتابعة من طرف المربي والمختص حتى ينتشل من براثن الصعوبة التي يرزح تحتها مهما كان نوعها ، مادام المشكل ليس تخلفا ذهنيا أو خللا فيزيولوجيا في المخ.
لا يوجد تعليقات