أول نوفمبر طلقة الحق
أول نوفمبر طلقة الحق
بقلم: أ/ حاجي سمية بنت مصطفى
يحتفل الشعب الجزائري كل عام في شهر معين، بذكرى خاصة، مقدسة كتقديس الأشهر الحرم، ذكرى تمثل روح وهوية الشعب، وتضرب في عمق فكره، وجذور تاريخه، عزيزة ومحزنة في الوقت نفسه، إنها ذكرى أول نوفمبر، عيد الثورة المجيدة، طلقة النصر وقولة الحق، شمعة النصر والاستقلال من جبال الأوراس الشاهد على بطولات الشعب، المسقي ترابه بدماء الشهداء الزكية، الصامد في وجه قوة العدو الغشيمة، كنا كأسد الشرى حماة أباة كماة، رجالا وحرائر كبارا وصغارا، ألقينا غطاء الظلم ولبسنا لباس الفوز، فغلبنا وغُلبنا، ومنه أتتنا البشائر، هو شهر بمنزلة ألف شهر، تنزّلت فيه انتصارات المجاهدين، ودوّت في ربوع الوطن، هو شهر الخريف الذي تناثرت فيه أوراق العدو، واستعدت فيه الأرض بعد الارتواء بماء الاستقلال من عطش المقاومة والنضال، لثمار الغد الأفضل وشمس لا تغيب.
المناسبة ليست مناسبة عابرة واحتفال يقام كل سنة، أو حصصا تبث في القنوات، أو أناشيد تغنى ومسرحيات تؤدى وقصائد تلقى، بل هو صورة الشعب المظلوم والمقهور والمستعبد، المنهوب الأرض والروح، وحتى اقتلاع لهويته الأصيلة العميقة، وسحق ودفن للغته ودينه وتراثه المتنوع الضارب في عمق التاريخ، هو صورة للنساء الأرامل والثكالى واليتامى والمحرومين والشيوخ العزّل والناس الأبرياء بغير الحق.
انطقت شرارة الفوز بمجموعة من خيرة شباب الجزائر ، بــ 400 قطعة سلاح، و1200 مجاهد، وبضع قنابل تقليدية الصنع، ثرنا بحرب تحريرية متوجة بسبع سنوات من الكفاح المسلح ومسيرة نضالي حافل الذي أسفر عن مليون ونصف مليون من الشهداء الذين ارتقت أرواحهم في ساحة الحرب، بدأها بثورة شعبية وأنهاها بمعركة منظمة وبطولات خلّدت أسماء مجاهدين ، كما أثبتت حنكتهم وذكاءهم الحربي بتغلبهم على جبار ظالم استيطاني.
إنّ أول نوفمبر هو يوم الفخر والاعتزاز لشعب كافح أبناؤه من أجل استرجاع الحق المسلوب وفرض السيادة الوطنية، وهو يوم الكرامة بطعم التضحية والفداء توجت بإعلان يوم 5 جويلية يوما للاستقلال.
إنه تاريخ صنعه الشهداء برحلة طويلة، لم تكن عابرة بل تاريخا مشرفا مليئا بمبادئ الوفاء والعمل الوطني الجاد دفاعا عن الجزائر، إننا نحيا اليوم في أرض المليون بفضل من كتبوا التاريخ وأناروا شموع الحرية وقهروا الظلم والطغيان، فتحية للصوت الوطني الواحد الأبي صانع الثورة والحضارة.
لا يوجد تعليقات