
الرسالة بالتّجديد
الرسالة بالتّجديد
لا يخفى على أي إنسان راشد أن العمل في ميدان التربية والتعليم رسالة مضنية وجهاد ومعاناة وتجديد وحركية مستمرة تغوص في ميدان الحضارة، فطوبى لمن فهم المقصد وكسب الرهان فأطلق العنان.
ما أحوجنا اليوم لتحريك العقول وهز النفوس والخروج عن المألوف لتتجرد أنفسنا وعقولنا من غشاوة ورثناها بالعادة والروتين بالهروب إلى منطقة الراحة، حتى تكونت لنا فئة من الناس تعلي من شأن الفقر وتدني من قيمة الغنى، وتميل للركود وتحارب كل مبادر وكل جديد على حد قول الشاعر محمد إقبال:
ليس التجرد أن تقيم على الطوى ******** وقواك خائرة وبيتك معدم
فمن التجرد ما يطيح بأهله ******** ومن التجرد ما يعز ويكرم
إن الأمم التي فهمت مقصد طلب العلم تقــيم للتفكير والفكـرة أشد الاهتـمام فلا يـمر عليـهم يوم إلا وحفروا في أعماقهم وأعماق من حولهم للتنقيب في صميم ما يؤرقهم في شتى الميادين فينطلقون للتفكير في منافد ومخارج لا يفكر فيها غيرهم بل ولا يجب أن يفكر فيها غيرهم!، لأنهم فهموا بأن العلم المنفرد سيزيدهم قوة وشئنا.
أين نحن من كل هذا الحراك الذي يدور حولنا؟
للأسف أصبحت لنا حياة بالوراثة، وثمارنا هي نتاج تقليدنا لمختلف المفاهيم والمبادئ التي أصبحت في ترتيب ما قبل الميلاد عند أهلها، فما أحوجنا لمبدعين خارجين عن إطار القيود أصحاب نظرة غير تقليدية متمردين على النظام، يهتمون بتغيير وجه النتيجة غارقين في بحر التفكير المستمر بغية الحصول على ثمار جديدة ذات أبعاد متعدد ملقحة من الفكر الغربي المجرد من قيمنا وديننا.
إن المدارس بحاجة لعقول تفكر بطريقة لا يفكر بها عامة الناس، لقلوب قوية صابرة على مختلف العواصف التي تهز فروعها وأطيافها، لتفكير متجدد يعمل على تجديد وإثراء عقول أبنائنا وتحريك عواطفهم والوصول لأرواحهم بغية الحصول على جيل يحاول ويخطئ ولا يتردد ولا يخاف السقوط ويملك مفاتيح النهوض أشد قوة ووعيا، فبمثل هذا التفكير عرفنا العجلة والكهرباء والمصباح والثلاجة والذرة والجزيء ومختلف حاجياتنا اليومية الضرورية اليوم.
إنه من السيء للعقل أن يفرز دائما نفس المخارج في عمل الجماعات، أو يستسلم لنسخ نفس الأفكار من نفس زوايا النظر فلا خير يرجى منه ولا حلول يقدمها لغيره، لذا وجب على جميع أفراد العملية التربوية العمل على التجديد المستمر كل حسب دوره وإدراكاته مع الصبر على مختلف العراقيل التي لا محال ستعتريهم في كل محطة، فغالبا كل تجديد يقابل برفض شديد أو آخر محمود كما سنة أنبياء الله عليهم السلام.
بتقوى الله والصبر والمرابطة على النهج القويم وفهم المعنى والمقصد وراء كل عمل مع الإتباع المستمر للأسباب سيرفع الله من شأننا ويزيح عنا الذل والهوان.
بقلم أ. بوشلاغم جابر 14 فيفري 2022
لا يوجد تعليقات