
لنفكّر بصورة سليمة
لنفكّر بصورة سليمة
إنّ السّبب الرّئيسي الذي نعتمد عليه لتحسين طريقة تفكيرنا هو الوعي بمصادر الخطإ في التفكير، فالتعمّق أكثر في التّفكير بطريقة سليمة يأخذنا إلى التّوفيق في اتّخاذ القرارات وحلّ المشاكل.
إنّ المحافظة على هذا النّمط من التّفكير وتطبيقه والمداومة عليه يكاد أن يكون مستحيلا نظير صعوبته، فالتفكير المنطقيّ يجعلك أكثر دقّة في وضع الأمور في منظورها، والتفكير السليم صعب التحقّق، ومن يُتقن ذلك فهي نعمة موهوبة من الرّزّاق الكريم. وهي الحكمة التي تجعل الأمور منظّمة، وقد منح الله الامتنان لأولي الألباب وأصحاب العقول. ولتحقيق هذا النوع من التفكير علينا أن نتجنّب الأخطاء التي تضلّلنا عن هدفنا ونذكر منها:
- النّظريّات والفرضيّات:
علينا الحذر من الحُكم المسبقِ كالمعتقداتِ بشأن الخصائص العرقيّة أو الاختلافات بين الأجناس، بواسطتها نسبّب الانحياز في الحكم لجهة على حساب الأخرى، ويمكن أن نذكر مثالا عن تلك المعتقداتِ الخاطئةِ:
إنّ الاعتقاد بأن الأطفال الذين يستغرقون وقتًا طويلاً لكي يتعلموا القراءة هم أقل ذكاءً من الآخرين،
ولتوضيح ذلك بمثال: هناك صديق لك بارع جدًا ولكنه كان بطيئًا في تعلم القراءة فكيف ستتعامل مع ذلك الاعتقاد؟
أ ـ المعلومة التي لا تتلاءم يتم إسقاطها من الاعتبار, ونقرر أن صديقنا البارع ولكنه البطيء في القراءة هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.
ب ـ المعلومة التي لا تتلاءم يتم تحويرها, حيث إن فصله كان مليئًا بأطفال مميزين ولذلك كان بطيئًا بالنسبة لهم.
جـ ـ إزاحة المعلومة غير المتلائمة؛ لأن العقل ليس لديه القدرة للتعامل مع المعلومة المتناقضة.
إن ما نراه ونلاحظه ونهتم به ونتذكره إنما يتقرر من عدة نواحي بواسطة معتقداتنا وإطاراتنا, ونظرياتنا الموجودة لدينا من قبل, أكثر من أن يكون العكس صحيحًا.
ولكي نتجنب هذا النوع من الأخطاء الشائعة علينا بالآتي:
أـ نبحث عن الدليل الذي لا يؤكد اعتقادنا أكثر من الدليل الذي يؤكده.
فإذا كنا نعتقد أن جميع البجع لونه أبيض فإن اعتقادنا يمكن فقط أن يتغير, ويتلاءم مع الحقيقة إذا بحثنا عن البجع غير الأبيض.
ب ـ عندما تصادفنا أمثلة لا تتلاءم مع مفاهيمنا المسبقة, نعمل على التأكد من التفكير فيها وتذكرها.
جـ ـ نجعل ما نفضله وهوانا بعيدًا, وذلك يعني أمرين:
ـ أن نعرف ما هي؟
ـ وأن نصبح مدركين كيف يمكنها أن تنسب في انحياز قدراتنا عن التفكير العقلاني.
د ـ لا نقلق بشأن تعديل أفكارنا أثناء تقدمنا, ومن الممكن أن تتحول المعتقدات والنظريات والافتراضات تدريجيًا بمرور الوقت, أو تتغير فجأة.
- مايدور حول الذّهن:
إن شعورنا بالرضا عن أمر فعلناه سوف يجعلنا نظن أنه يستحق أن نفعله ثانية, وشعورنا بعدم الرضا عنه سوف ينفرنا منه.
وللتغلب على هذه المشكلة يجب مراعاة الآتي:
أ ـ نأخذ وقتًا كافيًا عند التفكير في أمر ما. حيث إن الأحكام الخاطفة أكثر عرضة للتأثر المبالغ فيه بالأمور التي لا علاقة لها بالموضوع من الأحكام المدروسة.
ب ـ نحاول أن نبتعد عن المشاعر الساخنة. إذا كانت مشاعرنا ذات صلة قوية, بأنه من الممكن أن يتغير تفكيرنا عندما تتغير مشاعرنا.
جـ ـ نختبر أفكارنا مع الآخرين, وذلك لأن استخدام عقلين بدلاً من عقل واحد يعتبر وسيلة جيدة للتقليل من التحيز.
- آراء الآخرين:
رغم استفادتنا من تلك الآراء في بعض الأحيان، وتجسيد مفهوم الشورى من القرآن الكريم والسّنّة النّبوية، إلّا أنّ هناك تأثير سلبيّ في بعض الحالات على تفكيرنا سببه تلك الآراء، ولعلّنا نذكر على سبيل المثال:
نحن نميل إلى تصديق الناس الذين نعجب بهم, حتى عندما تكون آراؤهم ربما ليست مبنية على معلومات صحيحة، وكذلك فإن أسلوب العرض البارع قد يكون له تأثير على تفكيرنا بغضّ النظر عن محتواه, فإذا تعلمنا مثلاً أن نعبر عن نفسنا بثقة فسوف يصبح من الأرجح أن يستمع الناس إلينا وكذلك يمكن خداعنا كثيرًا بما يسمى الحقائق العلمية..., وقد لا تكون كذلك, فيجب علينا أن نُبقي عقلنا فطِنًا ونتعلم المزيد عن كيفية تقييم المعلومة التي تُقدم إلينا, ونحذر من التضليل والخداع.
وفي الحقيقة يختلف الناس اختلافًا هائلاً في المواقف المختلفة وهم يتأقلمون وفقًا للطلبات المطروحة, ويختلفون عندما تتغير الظروف والأوقات, ولذلك فإن علينا أن نحذر من تصنيف الآخرين, أو أنفسنا, وكأن ردود أفعالنا وتصرفاتنا ثابتة.
- الارتباط العقلي بين الأفكار:
قد نرى أحد السياسيين في لقاء مصور, وقد فوجئ باللقاء وهو غير مستعد, ويرتدي قميصًا متجعدًا, وشعره غير ممشط, ويبدو مظهره مثل البروفيسور التائه أكثر من السّياسيّ الشّهير.وينبع حكمك عليه من ملبسه ولتجنّب هذا:
عندما نلاحظ أن شيئين يتشابهان نسأل أنفسنا كيف يختلفان؟
ـ نفحص توقعاتنا ونسأل نفسنا على أي الأسس ترتكز؟
بقلم الأستاذ : الشيخ بن صالح دادي نونو
لا يوجد تعليقات