عطر التوحيد
إذا لم تستح فاصنع ما شئت هذا ممّا أُدرك من كلم النّبوءة ويقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿اَلَمْ تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيبَةً كَشَجَرَةٍ طَيبَةٍ اَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُوتِي أُكْلَهَا كُلَ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الَاَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَهُمْ يَتَذَكَرُونَ﴾ إبراهيم 26- 27، فما علاقة الآية الكريمة بكلم النبوءة؟ لا شك أن القرآن الكريم صالح في كل زمان ومكان ومنه فإن الآية الكريمة يمكن تفسيرها بعدة معانٍ ونحن اليوم سنتناول معنى واحدا. الكلمة الطيبة هي قول " أشهد ألا إله الا الله " التي شبهها الله تعالى بالشجرة الطيبة أصلها ثابت أي جذورها متعمقة في الأرض وفرعها أي ثمارها في السماء وهي النخلة والتي شُبّهت هي أيضا بالمؤمن. فكيف ذلك؟ عندما يكون مؤمنا بالله ورسوله فإن عقيدته وإيمانه مترسخة في القلب كالجذور المتعمقة في الأرض فلا يمكن أن تزعزعها آراء الآخرين أو ما يسمى بأصنام العصر " الهواتف..." وفرعها في السماء أي أن مكانته تعلو عند الله سبحانه وتعالى، وأن إيمانه سيظهر في جوارحه أينما حل وارتحل وهذا ما قصده المولى عز وجل بقوله ﴿تُوتِي أُكْلَهَا كُلَ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِهَا﴾. إن جملة التوحيد " أشهد ألا إله الا الله " اعتراف بأن لا معبود إلا الله ومنه فإنه تقديم وعد لله تعالى ألا نعبد غيره، ولكن لماذا استعمل كلمة الله والإله في القول الثابت؟ أصل كلمة الله من الإله مثلما قال شاعرٌ: قيل إن أصله الإله.......أدغم تخفيفا فقيل الله، إضافة إلى أنه لا يمكن تأويلها ولا يمكن أن يسمي أحدنا ابنه بالله حتى بالنسبة للأقوام الكافرة فهو غير موجود سبحان الله كما قال المناظر "ذاكر عبد الكريم نايك" ضف إلى ذلك أنه مجموع أسمائه الحسنى وصفاته العليا. أما أصل كلمة الإله فهي من الوله ومعناه الحب الشديد فعلى سبيل المثال إذا أحببت شخصا كأمك مثلا فإنك ستقوم بالمستحيل لإرضائها وأن كل مطالبها ستنفذها على أكمل وجه بسعادة ورضا... ولله المثل الأعلى فمتلفظ الشهادة يجب أن يحب الله حبا جما يضاهي حبه لعائلته وحتى لنفسه فإذا بحث عنه في العبادات يجده قد استوفى حقها وأنه إذا بحث عنه في المعاملات يجده قد استوفى حقها هي كذلك فبهذا فإنه سيستحي من أن يراه الله عاصيا مثلما قال الحسن البصري رحمه الله: " علمت أن الله مطلع علي فاستحيت أن يراني على معصية " والحياء هي الحشمة فإذا استحيت من المعصية فأبشر وإذا حصنت نفسك ولم ترتكبها فأنت عفيف كأن نقول: اليد لا تسرق، اللسان لا يلغو ولا يتلفظ بسوء ولا يغتاب، البطن لا يأكل الحرام، الجسد ساتر... وفي الأخير، ماذا عسانا نقول إن كل من فهم المعنى الحقيقي لجملة التوحيد فهو حَيِي ويقول الدكتور النفساني "الشيخ دحمان بكي" إذا امتلكت ثلاثا فاعلم أنك قوي الشخصية وعلى رأسها الحياء... بقلم الأستاذة زيطاني أسماء بنت مصطفى
المزيد